
عقدت ليزا كينا، المسؤولة الرفيعة للشؤون السياسية بوزارة الخارجية الأمريكية، مباحثات دبلوماسية مع ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، مساء اليوم بمقر وزارة الخارجية الأمريكية، في إطار التحضيرات الجارية لاجتماع مجلس الأمن المزمع عقده في 14 أبريل الجاري.
وقالت جريدة "هسبريس" الألكترونية المغربية إن هذا اللقاء، الأول من نوعه مع الإدارة الأمريكية الجديدة، شكل محطة دبلوماسية مهمة في ظل المستجدات الأخيرة التي يشهدها ملف الصحراء المغربية، خاصة مع تنامي الدعم الأمريكي للموقف المغربي.
وفي هذا السياق، أكدت المسؤولة الأمريكية دعم الولايات المتحدة الكامل لتكثيف المشاورات بين الأطراف المعنية، بهدف تسريع العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة. وأشارت إلى ضرورة تجاوز التأخير الذي شهده مسار النزاع على مدار السنوات الماضية.
وأضافت ليزا، في تغريدة لها عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس”، أن “الحل الوحيد المقبول والواقعي لحل النزاع الإقليمي هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”، مشددة على أن “هذا الموقف هو الخيار الجاد والمستدام وفقا لقرار الإدارة الأمريكية الذي أعيد التأكيد عليه في أكثر من مناسبة”.
الدعم الأمريكي
وفي هذا الصدد، أكد إبراهيم بلالي اسويح، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، أن لقاء المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بمسؤولي الإدارة الأمريكية يعكس بوضوح الأهمية المتزايدة التي باتت توليها الولايات المتحدة الأمريكية لهذا الملف، خاصة في سياق انخراطها المتجدد في جهود الوساطة لتسوية النزاع حول الصحراء المغربية.
وأوضح بلالي اسويح، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن التصريحات الأخيرة الصادرة عن تومي بروس، الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، على ضوء لقاء كاتب الدولة ماركو روبيو مع وزير الشؤون الخارجية المغربي تؤكد أن “واشنطن تعتزم دفع المساعي الأممية نحو تحقيق تقدم ملموس”؛ وهو ما ينسجم مع توجهها العام لحلحلة عدد من النزاعات الدولية الكبرى، من بينها الملف الأوكراني والوضع في الشرق الأوسط، وصولا إلى منطقة الساحل والصحراء.
وأبرز المحلل السياسي أن الموقف الأمريكي بخصوص الصحراء المغربية لم يتغير منذ الاعتراف التاريخي للرئيس دونالد ترامب بمغربية الصحراء سنة 2020، حيث واصلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، باعتبارها الحل الوحيد الواقعي والجدي للنزاع
الموائد المستديرة
قال إبراهيم بلالي اسويح إن “هذا التوجه أكده كاتب الدولة السابق أنطوني بلينكن، إلى جانب جوشوا هاريس، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي المكلف بشمال إفريقيا، في زياراته المتعددة للمنطقة ولقاءاته بالأطراف؛ والتي كشفت أن الإدارة الأمريكية آنذاك لا تنوي التراجع عن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء”.
ولفت عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية إلى أن “اللغة الأمريكية اليوم باتت أكثر وضوحا، إذ لم تعد تقتصر على الإشارات الدبلوماسية؛ بل باتت تصرح بشكل صريح بأن الحكم الذاتي هو الإطار الوحيد للتفاوض”.
وبخصوص مخرجات الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن منتصف أبريل الجاري، أكد المتحدث ذاته أن دي ميستورا، الذي سيقدم إحاطته أمام المجلس، يدرك تماما أن “المعطيات الجيوسياسية الحالية تجعل من العودة إلى مرجعيات التسوية السابقة أمرا غير واقعي”.
وأشار الخبير عينه إلى أن “مفاوضات الموائد المستديرة، التي نص عليها القرار الأممي الأخير رقم 2756، تشكل الإطار الأنسب لتجسيد أي تقدم ميداني في مسار الحل السياسي”.
التوجه الأمريكي
سجل بلالي اسويح أن التوجه الأمريكي الجديد نحو منطقة الساحل وجنوب المحيط الأطلسي يعكس إدراك واشنطن لأهمية المغرب كشريك استراتيجي، بالنظر إلى تلاقي المصالح الدفاعية والأمنية والاستثمارية، في مواجهة تهديدات الإرهاب والتمدد الروسي والصيني.
وأكد الخبير السياسي، في هذا السياق، أن “الرؤية الأمريكية الحالية تتعامل مع المغرب كبوابة لإعادة رسم ملامح استراتيجيتها بالمنطقة؛ بما يضمن لها موطئ قدم قوي ومربح في عمق إفريقيا”.
وفي ختام حديثه لهسبريس، أكد بلالي اسويح أن التطورات الدبلوماسية الأخيرة والتأكيدات المتوالية على مغربية الصحراء تعزز الموقف التفاوضي للمملكة المغربية وتدفع نحو اعتراف دولي أوسع بالسيادة الوطنية على الأقاليم الجنوبية؛ ما يشكل مدخلا أساسيا لحسم نهائي لهذا النزاع وسحبه من اللجنة الرابعة، في ظل تجاوز العالم لمنطق تصفية الاستعمار الكلاسيكي والانخراط في دينامية جديدة تؤمن بالحل السياسي الواقعي الذي يجسده مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.