مداخلة النائب الداه صهيب.. خطاب يتجاوز حدود الأداء العابر

في مداخلة برلمانية تنبض بلغة البيان وتستند إلى روح الإصلاح، يتقدم النائب الداه صهيب بخطاب يتجاوز حدود الأداء الخطابي العابر، ليغدو نصًا سياسيًا محكم السبك، متين البناء، يحمل في تضاعيفه ملامح مشروع وطني أخلاقي، قوامه الشفافية، وعماده المساءلة.

 

لقد اختار النائب أن يدخل من الباب الرفيع، فاستهل حديثه بمفردات ذات حمولة رمزية كثيفة: "لحظة تشريعية فارقة"، و"كرامة الشعوب"، و"استقرار الأمم". وهي عبارات ترتقي بالمداخلة من دائرة النقاش القانوني إلى أفق الرؤية الحضارية، في تمازج بين الهم الإجرائي والبعد القيمي.

 

ويتجلى البعد البلاغي في نسج الخطاب على نَوْل التوازن بين الإنشاء والعقل، إذ لم تغرق المداخلة في زخرف القول، بل مالت إلى رشاقة اللفظ وصرامة الحجة، متوسّلة بالتناص القرآني والحديثي والشعري، لتأسيس شرعية دينية وثقافية للمشروع القانوني المعروض، دون أن تقع في التوظيف الخطابي المبتذل، بل عمدت إلى توظيف واعٍ، يربط النصوص بسياقها التشريعي المباشر.

 

لعل أجمل ما في هذه المداخلة أنها تمضي في خط تصاعدي، يبدأ من الإدانة الأخلاقية للفساد، ويبلغ ذروته في المطالبة بثقافة قانونية جديدة، تؤمن بأن السلطة مسؤولية، وأن "من يدخل الشأن العام عليه أن يدخل كالشمس في رابعة النهار".

 

هكذا يبرع النائب في تحويل مطلب قانوني إلى مشروع وطني يُبنى على الثقة والضمير والعدالة، في زمن يتوق فيه المواطن إلى خطاب لا يكتفي بالتنديد، بل يضيء الطريق إلى الإصلاح.

 

إنها مداخلة تُقرأ لا على عجل، بل تتذوق كما تُتذوق القطعة الأدبية الرصينة، لأنها لم تُكتب لتُقال فقط، بل لتُبنى بها قناعات وتُؤسَّس بها دولة.

 

سبت, 24/05/2025 - 20:19