
في بلاد شنقيط، حيث تتعانق قمم النخيل بنجوم السماء، وتُسطّر المحاظر على ألواحها تاريخًا من العلم والتقوى، لم تكن العلمانية يومًا جزءًا من النسيج الوطني. فموريتانيا نشأت على قيم الإسلام، وتربّت على يد فقهائها الذين كانوا وما زالوا منارات هدى، يُضيئون دروب الناس بالحكمة والمعرفة.
وفي الآونة الأخيرة، تداول البعض شريطًا يدعو لفصل الدين عن الدولة، ويُقلل من مكانة الفقهاء، واصفًا إياهم بـ"المتحجرين وجدانيا". إن مثل هذه الدعوات لا تُعبّر عن روح المجتمع الموريتاني، بل تُحاول استيراد مفاهيم غريبة عن بيئتنا، متجاهلةً أن الفقهاء كانوا دائمًا صمام أمان، يُرجع إليهم عند الفتن، وتُستمد منهم بوصلة الاستقرار.
العلمانية، في السياق الموريتاني، ليست فقط غريبة عن البيئة، بل متنافرة مع الروح التي صاغت هوية هذا الشعب: روح العلم الشرعي، والزهد، والرباط، وحمل السيف إلى جانب المصحف. إنها ليست جزءًا من الحراك الشعبي، ولا مطلبًا سياسيًا راهنًا، بل تأتي غالبًا من نخب متأثرة بنماذج خارجية، تتحدث بلسان لا يفهمه العمق الشعبي.
أما الديمقراطية، فهي في أصلها فكرة نبيلة، لكنها حين تنسلخ من قيم الأمة تتحول إلى قوالب شكلية، لا تحمل العدل في جوهرها. فالحكم الرشيد عندنا لا يُقاس بعدد الأصوات فقط، بل بقدر ما يحققه من طمأنينة في النفوس، وعدل في الميزان، وانسجام مع العقيدة الجامعة.
لسنا ضد التجديد، ولسنا أسرى الماضي، لكننا نرفض أن يكون التحديث على حساب الثوابت. فدولة إسلامية بلا هوية دينية، وعربية بلا هوية عربية كجسد بلا روح، تسهل السيطرة عليه، ويبهت وجهه بين الأمم.
نريد حاكمًا يتخذ من الإيمان مرجعية، ومن الشريعة ضوءًا، ومن الرحمة أساسًا للعدل وان كان معنا اليوم بحمد الله. لا نحتاج إلى دولة تفرغ الدين والعروبة من الحياة، بل دولة تنفخ الحياة في قيم الدين. والعروبة

.jpg)
.gif)
.png)
.jpg)
.gif)


.jpg)

.jpg)