افتتاحية/ حضور الرئيس الغزواني يحول المناسبة إلى لحظة فخر وطني.. تنصيب ولد التاه رئيسا ل BAD

(الوئام الوطني- افتتاحية)/ في يوم 29 مايو 2025، أُعلن خلال الاجتماعات السنوية للبنك الإفريقي للتنمية في أبيدجان، كوت ديفوار، انتخاب الاقتصادي الموريتاني الدكتور سيدي ولد التاه رئيسا جديدا للمؤسسة.

سيتولى المنصب رسميا، غدا الاثنين فاتح سبتمبر 2025، ليخلف رئيسه الأسبق النيجيري أكينومي أديسينا، بعد إتمام ولايتين مدتهما عشر سنوات.

فاز ولد التاه على المنافسين عبر ثلاث جولات من التصويت، حيث حصد نسبة ساحقة بلغت 76.18% من الأصوات (72.37% من الإقليمية)، متفوقا على منافسين بارزين من زامبيا والسنغال وغيرهما.

ويحظى الدكتور ولد التاه بخبرة تمتد لأكثر من 35 عاما في مجالي التنمية والتمويل، بدءًا من المناصب الوزارية في موريتانيا وصولا إلى قيادته المصرفية لعقد كامل في البنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا (BADEA)، حيث نجح في مضاعفة حجم ميزانيته أربع مرات والحصول على تصنيف ائتماني AAA .

يتحدث المحللون عن قدرته الفائقة على الجمع بين الرؤية التقنية والحنكة الاستراتيجية، بجانب إتقانه اللغات الرسمية الثلاث للبنك (العربية والفرنسية والإنجليزية) ما يضعه في موقع مثالي لبناء تحالفات فعّالة وشراكات متعددة.

وسيتولى ولد التاه قدرا هائلا من المسؤوليات في مرحلة مليئة بالتقلبات: فالبنك يتمتع بتصنيف ائتماني AAA ورأسمال متنامي (من 93 إلى 318 مليار دولار منذ 2015)، لكنه يواجه الظروف الاقتصادية العالمية القاسية، مثل تراجع التمويل التنموي، وتصاعد الديون، وتحديات التغير المناخي والتضخم.

كما أنه أمامه اختبار في كيفية تعويض التخفيض الأمريكي المتوقع (حوالي 555 مليون دولار للبنك)، إلى جانب تعبئة موارد من مصادر بديلة بينها دول الخليج وآليات التمويل المبتكر .

وبحسب الرؤية الانتخابية التي قدمها ولد التاه خلال حملة إقناعه للممولين، فإن إستراتيجيته ستعتمد على أربعة محاور رئيسية:

1. إصلاح البنية المالية الإفريقية، عبر أدوات تمويل جديدة وشراكات متنوعة

2. تحويل الديموغرافيا إلى قوة اقتصادية

3. دعم التصنيع وتنمية القيمة المضافة في القارة

4. تعبئة رأس المال وتوسيع الاستثمار، خاصة من القطاع الخاص

كما سيسعى لتعزيز الحوكمة والشفافية والتواصل مع الدول الأعضاء بطريقة أكثر مرونة واستجابة.

كان ترشيح الدكتور ولد التاه نتيجة مباشرة لاستراتيجية دبلوماسية موريتانية نشطة، أشرف عليها وتبناها رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.

وقد عبّر الرئيس الغزواني عن شكره العميق لرؤساء وحكومات الدول الأعضاء على الدعم والثقة التي حظي بها مرشح موريتانيا، مؤكدا اعتزاز البلد بتمثيله في مثل هذا المنصب القاري الرفيع والموقع الذي تعزز بعد توليه رئاسة الاتحاد الإفريقي سابقا.

من جانبهم، اعتبر الخبراء والدبلوماسيون الموريتانيون هذا الفوز انتصارا للدبلوماسية الناعمة للبلد، واستعادة لمكانته في إفريقيا والعالم العربي، وإعادة ترتيب أولوياته في التنمية والتعاون الدولي.

إن تنصيب الدكتور سيدي ولد التاه رئيسا للبنك الإفريقي للتنمية لا يمثل فقط إنجازا فرديا، بل فتحا دبلوماسيا واقتصاديا لموريتانيا التي أثبتت مكانتها في قلب الأحداث القارية.

ويؤمل أن يحمل عهد الرئيس الجديد رؤية متجددة لتفعيل دور البنك في دفع التنمية الأفريقية، وتوسيع مصادر التمويل، وتعميق الروابط بين الدول والمجتمعات الإفريقية والعابرة للقارة.

هذا التحول يعكس قدرات موريتانيا على أن تكون جزءًا من الحل وقائدة في دفع أولويات القارة نحو الاستدامة والتكامل المالي والاقتصادي.

وقد رأى المراقبون أن حرص الرئيس الغزواني على الحضور الشخصي لتنصيب الدكتور ولد التاه، يؤكد أن الرئيس الجديد للبنك الإفريقي للتنمية، لم يكن فقط مرشحا تكنوقراطيا، بل هو أيضا خيار استراتيجي للدولة الموريتانية، يحظى بدعم مباشر من رأس السلطة. فمشاركته في حفل التنصيب تعني أن التعيين جاء بتزكية من القيادة العليا، وبتمثيل رسمي لموريتانيا كفاعل في القرار الأفريقي.

ويحمل حرص فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على حضور مراسم تنصيب الدكتور سيدي ولد التاه رئيسا لمجموعة البنك الإفريقي للتنمية، دلالات سياسية ودبلوماسية واقتصادية عميقة، تتجاوز حدود المجاملة البروتوكولية. 

ففي السياق الداخلي، يحمل الحضور رسالة واضحة للمواطنين والنخب أن النظام يثمّن الكفاءات الوطنية، ويدعم أبناءه في المحافل الكبرى، وهو ما يعزز مناخ الثقة بين الدولة والنخب، ويدفع مزيدا من الكفاءات للمشاركة في البناء الوطني.

ومن خلال هذه الخطوة، تبعث موريتانيا برسالة سياسية إلى الشركاء في القارة والعالم، مفادها أنها أصبحت حاضرة بفعالية في دوائر صنع القرار الإقليمي، وأنها تخرج من دائرة الهامش إلى مركز القيادة، مدعومة بدبلوماسية نشطة وشبكات تحالف استراتيجية.

وفضلا عن كل ذلك، فإن مشاركة الرئيس في التنصيب تُكسب موريتانيا نقطة قوة داخل البنك، ليس فقط على مستوى الإدارة العليا، بل في هيئات التصويت والبرمجة والتمويل. وهي بمثابة دفعة لعلاقات التعاون بين الدولة والبنك، سواء من حيث تمويل المشاريع أو توجيه السياسات التنموية لصالح أولويات موريتانيا.

إن حرص الرئيس الغزواني على حضور حفل التنصيب، لا يرتبط فقط بلحظة آنية، بل هو جزء من استراتيجية دبلوماسية تراكمية. فالرئيس الغزواني كان حريصا في السنوات الأخيرة على تعزيز الحضور الموريتاني في الاتحاد الإفريقي، ومجموعة الساحل، ومنتديات التمويل، وهذا الحدث ينسجم مع ذلك التوجه ويعززه.

ثم إن مشاركة الغزواني تُعد أيضا تأكيدا لالتزامه برؤية إفريقية تضامنية، حيث تظهر موريتانيا من خلاله داعمة للاندماج الإقليمي والتنمية الشاملة، حيث أن المناسبة تعكس حرصه على أن تكون موريتانيا فاعلا في قيادة أجندة القارة، لا مجرد مستفيد منها.

ويرى المراقبون أن حرص الرئيس الغزواني على الحضور لم يكن تصرفا رمزيا فقط، بل خطوة محسوبة بدقة تحمل دلالات وطنية وقارية، تؤكد صعود موريتانيا في مشهد التأثير الأفريقي، وتعكس تماهي القيادة السياسية مع مشروع الكفاءة والتنمية والانفتاح.

وعليه فإن حضور الرئيس يعطي هذا الإنجاز بعدا سياديا ورسميا، ويحول المناسبة إلى لحظة فخر وطني، تؤكد أن الكفاءة الموريتانية قادرة على تصدر المشهد الدولي.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

أحد, 31/08/2025 - 23:27