مهن على وشك الاختفاء.. إصلاح الساعات اليدوية في قلب نواكشوط يقاوم زمن السرعة

عند ملتقى طرق BMD، قرب سوق العاصمة في نواكشوط، يجلس  محمد  خلف طاولة صغيرة، تحيط به أدوات دقيقة، وعلب مملوءة بعقارب ومسننات وأحزمة جلدية.
يجلس محمد هنا منذ العام 2003، يعمل  في صمت، يعيد للحياة ساعات توقف الزمن عندها.


في عالمٍ صار فيه اقتناء ساعة يد أمرًا شكليًا، ويغزو السوقَ سيلٌ من الساعات الرخيصة والمقلدة، ما زال البعض يمرّ من هنا، يسلّم ساعته القديمة، ويطلب "إحياءها"، ربما بدافع الحنين، أو لقيمة عاطفية لا تُقدَّر بثمن، كما أن البعض يصل لإصلاح ساعات حديثة.


يقول السيد ابراهيم وهو عامل بالمجال، إن المهنة لم تعد كما كانت.
"كان الناس يُصلحون ساعاتهم لأنهم يهتمّون بها، والآن كثيرون يشترون ساعة جديدة بدلاً من تصليحها".
لكنه رغم ذلك، لم يفكر أبدًا في ترك مكانه ويضيف.. "أنا مرتاح هنا.. هذه مهنة نظيفة، وتُعلّمك الصبر والدقة"، يضيف بابتسامة مطمئنة".
بعض الزبائن يعودون بعد سنوات، يحملون ساعة ورثوها عن والد أو جد، أو وصلتهم كهدية، يأتون للمكان الوحيد الذي يعرف كيف يُرجع للساعة نبضها.
في زاويته الصغيرة، يحتفظ مصلّح الساعات "يبـ"  بوقته الخاص.. زمنٌ لا يخضع للسرعة، ولا يغريه "التغيير كلما تعطّل شيء"، بل يُذكّرنا أن في الأشياء القديمة قيمة، وفي انتظار الإصلاح أمل لا يزال يدق.

ثلاثاء, 02/09/2025 - 00:26