حدث وتعليق/ موريتانيا وصندوق النقد الدولي.. شراكة تقنية ورهانات إصلاح جاد

في الوقت الذي تتزايد فيه التحديات الاقتصادية على الصعيدين المحلي والدولي، يأتي اللقاء الذي جمع وزير الاقتصاد والمالية، السيد سيدي أحمد ولد أبُوه، بالممثل المقيم لصندوق النقد الدولي في موريتانيا، السيد يونس زهار، ليؤكد من جديد على مركزية التعاون بين موريتانيا وهذه المؤسسة المالية الدولية في رسم معالم السياسة الاقتصادية الوطنية.

هذا اللقاء، الذي جرى بحضور المدير العام للتمويلات والتعاون الاقتصادي، السيد محمد سالم الناني، لم يكن مجرد لقاء بروتوكولي أو تقليدي، بل حمل في طياته دلالات سياسية واقتصادية عميقة، تكشف عن مرحلة جديدة من العلاقات تقوم على إعادة تقييم الشراكة القائمة واستشراف آفاق أكثر طموحًا في المستقبل القريب.

لا شك أن صندوق النقد الدولي يمثل شريكا أساسيا لأي دولة تطمح لتحقيق الاستقرار المالي والانضباط في تسيير مواردها، إلا أن التجارب العالمية، بل وحتى الإقليمية، أثبتت أن هذا النوع من الشراكات لا يخلو من كُلفة اجتماعية واقتصادية إذا لم يُدر بحذر ووعي. ومن هنا، فإن اللقاء الأخير لا يمكن فصله عن الرهانات الوطنية الكبرى، وعلى رأسها مكافحة الفقر، تقليص الفوارق الاجتماعية، وتحقيق العدالة في توزيع الثروة.

إن موريتانيا، وهي تنفذ إصلاحات هيكلية متعددة، تجد نفسها اليوم أمام معادلة دقيقة: كيف تستفيد من دعم الصندوق دون أن تقع في فخ "وصفات جاهزة" قد لا تتناسب مع الواقع المحلي؟.. وهنا، يبدو أن الوزارة تحاول اللعب على خيط دقيق، من خلال التأكيد على أهمية التنسيق والتشاور مع الصندوق، وليس فقط الانقياد لتوصياته.

ويلاخظ المراقبون من فحوى اللقاء، أن التركيز كان على التعاون في المجالات الحيوية، وخاصة المالية والاقتصادية، مع إشارات واضحة إلى رغبة موريتانيا في استكشاف فرص جديدة للتعاون، وليس الاكتفاء بالأطر التقليدية. وهذا توجه ذكي، إذا ما تمت ترجمته على أرض الواقع، إذ من شأنه أن يحول صندوق النقد الدولي من مجرد جهة تمويل إلى شريك في التنمية المستدامة.

إن هذه الرغبة لم تكن مجرد نوايا، بل ستتم ترجمتها إلى خطط واقعية وقابلة للتنفيذ، تأخذ بعين الاعتبار خصوصية الاقتصاد الوطني، وضرورة إشراك كافة الفاعلين، من القطاع الخاص والمجتمع المدني، في بلورة رؤية وطنية شاملة للإصلاح.

ويعكس اللقاء مع ممثل صندوق النقد الدولي، في جانب منه، إدراكا حكوميا متزايدا لحجم التحديات الاقتصادية الراهنة. لكن نجاح موريتانيا في تجاوز هذه التحديات لن يتأتى فقط عبر الدعم الخارجي، بل يتطلب إرادة سياسية وطنية قوية، وتعبئة شاملة لكل الطاقات الوطنية، وهو تتضمنه توصيات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وتعمل على تنفيذه حكومة الوزير الأول، السيد المختار ولد اجاي.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

أربعاء, 03/09/2025 - 18:16