التنوع العرقي وإغفال الأغلبية العربية : ورقة للحوار الوطني المرتقب /ذ السالك اباه

 

في موريتانيا، تتجه بعض النخب الثقافية والسياسية، وبخاصة  الشوعية والإسلامية ذات الخلفية الإخوانية، إلى دعم الأقليات الزنجية على حساب الأغلبية العربية، في مقاربة تتجاهل عمق الانتماء العربي الإسلامي للقطر الموريتاني، وتُقصي مكوّنًا يشكل عماد الدولة والمجتمع، ورافعة من روافع الوحدة الوطنية.

هذه النخب كثيرًا ما أعلنت عداءها للتيارات القومية، خاصة البعثية والناصرية، في إسقاط سياسي متعسف لتجربة عبد الناصر في مصر، على واقع مغاير تمامًا في موريتانيا. ذلك العداء ليس سوى امتداد للرؤية الإخوانية الكلاسيكية للصراع مع الدولة القومية، رغم أن التاريخ أثبت فشل هذا الصدام في أكثر من ساحة.

والأدهى أن هذا التوجه الإيديولوجي غالبًا ما يقترن بتحالفات غير منطقية مع اليسار الماركسي ، ضد القوميين العرب، بما يعمّق الشرخ داخل البنية الوطنية، ويمنح قوى غير متجذرة في الثقافة الوطنية صوتًا أعلى من حجمها الفعلي.

في المقابل، تثبت تجارب المغرب، وتونس، والجزائر، والأردن، أن التوازن بين المكوّنات العرقية والثقافية، لا يكون بتهميش الأغلبية أو استعداء مقومات الهوية، بل بتكريس سيادة الهوية الوطنية الجامعة القائمة على الإسلام والعروبة، مع احترام التنوع ضمن الوحدة.
*ختامًا،* إن الحوار الوطني المرتقب، لم يأتِ كرد فعل على أزمة وهو ما دعانى للتحفظ عليه فى بعض كتاباتى ، بل هو *مبادرة من رئيس الجمهورية لايسعنى فى النهاية  سوى الوقوف معها * لتوسيع قاعدة المشاركة، وتكريس الشفافية والحكامة الرشيدة.

غير أن نجاح هذا الحوار يظل مشروطًا بتجاوز الحضور الطاغي للإيديولوجيات المتطرفة – يمينًا ويسارًا – والتي تجاوزها الزمن وسقطت بالتقادم. فالولاء لم يعد مقبولًا أن يكون للتيارات  العابرة أو الطموحات الفئوية الضيقة، بل *للوطن وحده، وللدولة كمرجعية جامعة*، لا لليسار، ولا لليمين، ولا لمجاملة طموحات غير مبررة لأقليات حالمة.

إن هذه الورقة، الموجهة للمشاركين في الحوار الوطني، تدعو إلى *حوار يعيد ترتيب الأولويات*، ويحصّن المكتسبات الوطنية، ويؤسس لعقد اجتماعي جديد، *لا يقوم على منطق المغالبة، بل على روح الانتماء والمسؤولية والمشاركة*.

 ذ. السالك اباه 

ثلاثاء, 09/09/2025 - 08:26