
أعاد مقطع فيديو مؤثر، تم تداوله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تسليط الضوء على واحدة من أعمق الأزمات الإنسانية في المنطقة، وتتعلق بمأساة الهجرة غير النظامية، وهذه المرة من زاوية الأطفال، الأكثر قسوة وبراءة.
المشهد الذي وثقه أحد عناصر خفر السواحل الموريتاني، يُظهر لحظة إنقاذ طفلين صغيرين تُركا وحيدين يواجهان مصيرا مجهولا في عرض البحر، بعد أن تخلى عنهما مهاجرون غير نظاميين خلال محاولة عبور محفوفة بالمخاطر نحو الشواطئ الأوروبية.
ورغم قسوة البحر وظروف الطقس الصعبة، تمكنت فرق خفر السواحل من تنفيذ عملية إنقاذ وصفت بـ"البطولية"، نقل خلالها الطفلان إلى بر الأمان وقدّمت لهما الرعاية الصحية اللازمة بشكل فوري.
هذا المشهد الإنساني الصادم، الذي حظي بإشادة واسعة داخل وخارج موريتانيا، لم يكن مجرد حالة استثنائية، بل نافذة أطل منها العالم مجددا على واقع الهجرة غير النظامية، حيث تحولت السواحل الموريتانية إلى نقاط عبور محفوفة بالموت، خصوصا للأطفال والنساء.
وتكشف هذه الحادثة عن حجم المخاطر التي يتعرض لها الأطفال في رحلات الهجرة، حيث لا تتورع بعض الشبكات الإجرامية عن استخدامهم كورقة ضغط أو حتى التخلي عنهم لتسريع الهروب من رقابة السلطات.
ويُعدّ التخلي عن الأطفال في عرض البحر انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، وجرس إنذار جديد بضرورة التحرك الدولي العاجل لحماية الفئات الهشة من هذا النزيف البشري المستمر.
وبعيدا عن الصدمة الإنسانية، سلّط هذا الحدث الضوء على الدور المتنامي لخفر السواحل الموريتاني في التصدي لأزمة الهجرة، ليس فقط من خلال ضبط قوارب الهجرة، بل في إنقاذ الأرواح والتعامل الإنساني مع المهاجرين، بمن فيهم الأطفال والنساء.
لقد أصبحت هذه القوات تمثل صمام أمان في منطقة بحرية معقدة، تمتد فيها شبكات التهريب وتتقاطع مصالح دولية وإقليمية.
وأعادت الجدية التي أظهرتها السلطات في هذه العملية شيئا من الثقة في قدرة الدولة الموريتانية على التصدي لهذه الظاهرة المعقدة، عبر الجمع بين الحزم الأمني والتعاطي الإنساني. وهو نموذج يُفترض تعميمه وتطويره عبر الدعم اللوجستي والتقني والتدريب المتواصل لعناصر خفر السواحل، بالشراكة مع الجهات الدولية.
ولقيت هذه العملية إشادة واسعة من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين عبّروا عن تقديرهم لما وصفوه بـ"العمل النبيل" و"الصورة الحقيقية للإنسانية في وقت أصبح فيه البحر مقبرة جماعية للمهاجرين".
كما طالب كثيرون بفتح تحقيقات فورية لمعرفة ملابسات التخلي عن الطفلين ومحاسبة المتورطين.
إن عملية إنقاذ الطفلين، رغم رمزيتها الإنسانية العميقة، لا تكفي وحدها لإيقاف مأساة الهجرة غير النظامية. فالمطلوب اليوم هو تحرك جماعي يتجاوز الحلول الأمنية ليشمل التنمية الاقتصادية، والتوعية، وتفكيك شبكات التهريب، وتوفير بدائل حقيقية للشباب الذين تدفعهم الحاجة والمستقبل الغامض نحو قوارب الموت.
وكالة الوئام الوطني للأنباء


.jpg)
.gif)
.png)
.jpg)
.gif)


.jpg)

.jpg)