
في كلمة اتسمت بلهجة حازمة ورؤية استراتيجية، حذّر رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال القمة العربية والإسلامية المنعقدة الاثنين في الدوحة، من أن أي مساس بأمن دولة قطر “يشكّل تهديدا لأمن جميع الدول العربية والإسلامية”.
وجاءت تصريحاته في سياق إدانة صريحة للعدوان الذي تتعرض له الدوحة، واعتباره تصعيداً خطيراً يكشف غياب الإرادة السياسية للسلام لدى الاحتلال الإسرائيلي واستمراره في “نهج العدوان والإبادة”.
لم يكتف الرئيس الغزواني بالتنديد، بل ربط بين أمن قطر والأمن الجماعي العربي والإسلامي، ما يرفع منسوب الخطاب من مجرد تضامن ثنائي إلى تحذير استراتيجي يتعلّق باستقرار المنطقة بأسرها.
ويعكس هذا الموقف إدراكا متناميا في نواكشوط بأن أي خلل في الخليج، بما يمثله من عمق سياسي واقتصادي، ستكون له ارتدادات مباشرة على الأمن في شمال وغرب أفريقيا، ولا سيما في ظلّ التحديات الأمنية في الساحل.
ركّز الرئيس الغزواني على ضرورة الانتقال من “ردود فعل فردية” إلى “موقف موحّد قادر على التأثير في مسار الأحداث”، في إشارة واضحة إلى ضعف الأداء الجماعي العربي والإسلامي خلال أزمات سابقة.
هذه الدعوة تحمل رسائل متعددة، تفيد بأن التضامن ليس مجرد بيانات تنديد، بل آليات عمل جماعية وصيغ تنسيق عملي، وأن غياب تحرك جاد من مجلس الأمن والأمم المتحدة لم يعد مقبولا، وأن استمرار الانتهاكات يهدد بانفجار إقليمي أوسع.
ولم يغفل الرئيس الغزواني البعد الجوهري للصراع في المنطقة، مذكرا بأن “أي مقاربة شاملة للاستقرار المستدام لا يمكن أن تتجاهل القضية الفلسطينية”.
هذا الربط يعيد توجيه الأنظار إلى أن جذور أزمات المنطقة لا تنفصل عن تعقيدات احتلال الأرض الفلسطينية، الذي يظل “مفتاح التوازن وأساس أي سلام عادل ودائم”.
ويعكس خطاب الرئيس الغزواني سعي موريتانيا إلى ترسيخ دورها كصوت وسطي يجمع بين التضامن المبدئي والواقعية السياسية.
فهو يعبّر عن إدراك متزايد بأن أمن الدول العربية والإسلامية مترابط، وأن تجاهل هذه الحقيقة يفتح الباب أمام مزيد من التوترات.
إنها رسالة مزدوجة، موجهة أولاً إلى العواصم العربية والإسلامية بأن زمن الانعزال قد انتهى، وثانياً إلى المجتمع الدولي بأن الصمت على انتهاكات السيادة بات تهديدا مباشرا للنظام الدولي نفسه.
وبذلك يقدّم الرئيس الغزواني رؤية تتجاوز حدود التضامن التقليدي إلى مشروع أوسع للأمن الجماعي، في لحظة إقليمية دقيقة تتطلب أكثر من مجرد بيانات شجب واستنكار.
وكالة الوئام الوطني للأنباء


.jpg)
.gif)
.png)
.jpg)
.gif)


.jpg)

.jpg)