"لخريف".. موسم هجرة الموريتانيين من المدن إلى الأرياف/ رضوان البعقلي*

نواكشوط 24 شتنبر 2025 (ومع)/ بحلول "لخريف"، الذي يعني في عرف الموريتانيين الفترة الممتدة من منتصف يوليوز إلى أوائل أكتوبر، تشد الأسر الموريتانية، ولاسيما القاطنة في نواكشوط، الرحال نحو "مدن الداخل" هربا من قيض العاصمة وصخبها، وطلبا للراحة والاستجمام في حضن الطبيعية.

 

  وتتميز المناطق الداخلية في موريتانيا خلال هذه الفترة من السنة، خاصة ولايات الشرق والوسط (الحوضان الشرقي والغربي ومناطق لعصابه، ترارزة، لعيون، تكانت، وغيرها...)، باعتدال طقسها وجمال مناظرها الطبيعية التي ترسم لوحة بديعة عنوانها الخصب والجمال.

 

 وعلى مدى عقود شكلت هذه المناطق التي تشهد عادة تساقطات مطرية في فترة "لخريف" تغذي وديانها ومنتجعاتها، متنفسا وملاذا للموريتانيين لا يثنيهم عن شد الرحال إليه عناء السفر ولا تكاليف الرحلة ومستلزماتها ك "الخيمة" التي تتخذها الأسر الموريتانية سكنا خلال مقامها في تلك الربوع، مما يضفي تناغما على المشهد يتسق ونمط الحياة في البادية الموريتانية.

 

وتشهد الطرق والمسالك المؤدية إلى هذه المناطق رغم وعورة بعضها، حركة كثيفة لمختلف وسائل النقل التي تتدبرها الأسر في ما يشبه "نزوحا" من الحواضر إلى قرى ومداشر ظلت المقصد المفضل خلال هذه الفترة من السنة، ليس فقط للتملي بجمال الطبيعة، ولكن أيضا لصلة الرحم مع الأهل وتجديد الوصل مع عادات وتقاليد لايزال سكان الأرياف عاضين عليها بالنواجد.

 

  وتبرز ولاية لعصابة (حوالي 600 كلم جنوب شرق نواكشوط ) كواحدة من أكثر الولايات الموريتانية جذبا للزوار في فترة "لخريف" لما تتميز به من تنوع طبيعي ( منتزه أم لعبر، سلسلة جبال أفله، بحيرات كنكوصه ولبحير وبوكاري، واحات كرو، التيغديون، السلطانية، آجار، واحات النخيل في نواملين، وكامور، ولكران...). 

 

  وينم تشبث الموريتانيين بهذا التقليد رغم إغراءات الحياة "العصرية" في الحواضر، عن ارتباط وتيق بالمناطق التي ينحدرون منها في الغالب، والحرص على المساهمة في تنشيط الرواج الاقتصادي بها.

 

 واكتسى موسم "لخريف" هذه السنة زخما أكبر لاقترانه بمبادرات على المستوى الرسمي تروم تشجيع السياحة الداخلية ، ومنها دعوة المسؤولين الحكوميين إلى قضاء العطلة "في ربوع الوطن" عوض السفر إلى الخارج، وإقامة مهرجانات ثقافية وسياحية في مختلف الولايات.

 

وفي هذا السياق، أطلقت وزارة التجارة والسياحة الموريتانية برنامجا تحت شعار "وطني وجهتي" تضمن إقامة العديد من المهرجانات، منها مهرجان "الكيطنة" بمدينة أطار، و "السياحة الساحلية" بنواكشوط و"موسم الخريف" السياحي بمدينة لعيون.

 

وبدورها، أطلقت وزارة الثقافة الموريتانية "الأسبوع الوطني للثقافة والفنون" الذي جاب مختلف مناطق البلاد، فضلا عن دعمها تنظيم 40 مهرجانا ثقافيا.

 

وخلال افتتاحها لمهرجان سياحي مؤخرا ، أكدت وزيرة التجارة والسياحة زينب أحمدناه، أن موسم "لخريف" يمثل "فرصة لتعزيز الاقتصاد المحلي من خلال تنشيط الأسواق التقليدية، ودعم قطاعات النقل والخدمات والإيواء، فضلا عن توفير فرص عمل موسمية".

 

وأبرزت المسؤولة الحكومية أبعاد الموسم في إحياء الروابط الاجتماعية عبر ما يتيحه من لقاءات وأنشطة جماعية وكذا تعزيز اللحمة الوطنية، داعية إلى جعله "موعدا وطنيا للاحتفاء بالطبيعة وفرصة لاكتشاف ثروات موريتانيا".

 

وإلى جانب التدابير الترويجية لوزارتي السياحة والثقافة، المواكبة لموسم "لخريف"، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا لافتا في التعريف بهذا التقليد السنوي، حيث قام العديد من المدونين وصناع المحتوى الموريتانيين بنشر فيديوهات وكبسولات ومقاطع مصورة على مختلف المنصات ( فيسبوك، تويتر، تيك توك)، سلطت الضوء على المؤهلات الطبيعية والسياحية التي تتمتع بها مدن الداخل الموريتاني.

 

 كما أبرزت المنشورات جوانب من الحياة اليومية للسكان في البوادي الموريتانية، لقيت تفاعلا كبيرا من قبل رواد منصات التواصل الاجتماعي لاسيما فئة الشباب.

 

*- مراسل وكالة المغرب العربي للأنباء في موريتانيا

 

أربعاء, 24/09/2025 - 21:00