
هذه الصفحة تتضمن مشاعرة إخوانية بين الشاعر محمد الأمين الديماني وأخيه العالم المؤلف أحمد بن عمر الملقب طير الجنة الجكني (كان حيا 1131هـ ولعله توفي حوالي 1150هـ -1738م)
قال محمد الأمين الديماني يمدح طير الجنة الجكني:
بشرى لنا بك يا بدر الغمام هدى
*** يا غرة الدهر بل يا زهرة الدين
أحييت ملة خير الخلق سيدنا***
من بعد ما غبرت حينا إلى حين
فأجابه طائر الجنة:
لا فض فوك ولا شلت يمينك
يا *** خير القبائل في العلوم ترضيني
انت الأمين عليك الأمن أدومُه ***
حتى تسمى به لدى المحبينِ
فقال الديماني بيتين لم يستحضر منهما ناسخ الابيات إلا شطرا واحداً…
فأجابه الجكني ببيتين أولهما:
ولوج بحرك سبحا معجزٌ سفني *** فكلما رمت سبح البحر يعنيني
ولم نتمكن من معرفة الشاعر محمد الأمين الديماني المذكور؛ لكن الأرجح عندنا أنه محمد الأمين بن الفقيه البركة المختار بابُ اليدالي، وهو من علماء عصره وأجواده، وقد عاصر طير الجنة المذكور، وأدرك الشيخ محمد اليدالي أخاه أحمذ وذكر أنه درس في سجلماس، ونسب له بعض الفواىد في رسالته في الجيم.. وذلك يدل على عناية أسرته بالرحلة في طلب العلم والتجارة، ولعل لقاءه بطير الجنة في جنوب المغرب او تنبكت.. وهناك احتمال أن يكون المقصود الأمين بن مودي مالك أخي الامام مينحن المشهور والله أعلم..
وطير الجنة المذكور هو أحمد بن عمر بن المختار بن أبي بكر الجكني، وقد عاش في منطقة أزواد، وهو على الراجح من مجموعة "أولاد سيدي علي" الگلالية المعروفة في تيندوف والمغرب، والتي من مشاهير أعلامها الشيخ الصالح سيدي العربي بن يوسف دفين تيندوف، وحفيده الشيخ سيداتي بن الكنتي تلميذ الفقيه محمد يحيى الولاتي المترجم في خلال جزولة للسوسي والأعلام للزركلي..
ولطير الجنة المذكور أنظام تعليمية منها: "نظم السراج في علم المبين ونوره للمقرئين" في الألف المحذوف والثابت في الرسم العثماني، ويعرف هذا النظم في الجزائر وغيرها "بالمنظومة الجكنية". وهو نظم في حدود 700 بيت وقد سارت به الركبان، ووضع له قبول عظيم، وكانت مقررا إلى وقت ليس ببعيد في بعض المدارس بالمغرب، وقد طبع في تونس في مجموع فيه موارد الظمآن والدرر اللوامع.. وتوجد منه نسخ خطية عديدة في الجزائر منها نسخة في مكتبة المتحف الوطنية ، كما يوجد كذلك المكتبة العبدلية في جامع الزيتونة، وفي خزانة ابن يوسف، والخزانة الحسنية في المغرب، والمكتبة الظاهريّة بدمشق وغيرها(راجع خزانة التراث فهرس المخطوطات العربية، مركز الملك فيصل '- منشور في المكتبة الشاملة، وفهرس مكتبة تنبكت) .. وقد نوه به الاستاذ عبد الهادي حميتو في كتابه (قراءة نافع عند المغاربة 2/ 495)
ومن مؤلفاته كذلك: نظم مفتاح المبتدي في النحو، وهو عبارة عن مقدمة نحوية في 95 بيتا، وتوجد منه نسخة في ودان، وأخرى في إحدى مكتبات مالي المنشورة على النت، وقد ألفه سنة: 1131هـ وقال في آخره:
قد انتهت بحمد ذي الجلال*** إذ من بالبدء وبالكمال
شكري له الشكر الجزيل لا يحد*** يعجّز الخلق جميعا في العدد
أبياتها خمس تلي التسعينا *** (حنفش) عامها خذ التبيينا
وله قصيدة في مدح العلامة الشيخ سيدي أحمد بن البشير السوقي أولها:
من الجكني طير الجنان تحية *** تبشر آل السوق أحمد ذا الفخر
وقد أوردها أحد حفدة الممدوح في ترجمته له، حسبما نشره المرحوم يحيى بن سيد أحمد في صفحته على الفيس قبل أعوام..
ومن المؤسف أن هذا العلم المشهور في زمانه لم تكتب له ترجمة، بل ضاعت أخباره، شأن شأن كثير من علماء البادية، رحمه الله وتقبل صالح أعماله.. وقد ذكره الأستاذ المختار السوسي في كتابه (سوس العالمة ص: 199)ضمن لائحة المؤلفين من أهل سوس، وذكر نظمه في الحذف، ولا يخلو ذلك من تجوز وتحكم، وقد ذكر معه العلامة محمد المختار بن بلعمش مؤسس تيندوف، وليس هو من أهل السوس حقيقة..
ملاحظات:
- إطلاق الطير على الواحد نقله أبو عبيدة وقطرب، وبه جاءت القراءة المشهورة: (فيكون طيرا بإذن الله) وهو المستعمل في لهجتنا الحسانية المعقلية..
- قوله: "لدى المحبينِ" جرى على لغة كثر نون الجمع المذكر السالم كما قال ابن المالك: ونون مجموع وما به التحق*** فافتح وقل من يكسره نطق
- الشاعر محمد الأمين الديماني المذكور معاصر لسيدي عبد الله بن رازگة والشيخ محمد اليدالي وطبقتهما من أوائل شعراء بلادنا..

.jpg)
.gif)
.png)
.jpg)
.gif)


.jpg)

.jpg)