حدث وتعليق/ لقاء موريتانيا والأمم المتحدة في نيويورك.. أبعاد ورسائل دبلوماسية

في سياق دبلوماسي حافل يواكب انعقاد الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، اجتمع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج، محمد سالم ولد مرزوك، السبت في نيويورك، مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. ورغم أن هذا اللقاء يبدو بروتوكوليا في ظاهره، إلا أن توقيته وموضوعاته تحمل دلالات عميقة على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة في ظل الأوضاع المتقلبة التي يعيشها الساحل الإفريقي.

ويأتي اللقاء كرسالة واضحة من نواكشوط تؤكد رغبتها في تعميق التعاون مع المنظمة الأممية في مجالي التنمية وحفظ السلم.

فموريتانيا، التي نجحت خلال الأعوام الأخيرة في الحفاظ على استقرارها السياسي والأمني بخلاف جيرانها في الساحل، تدرك أهمية الاستفادة من خبرات الأمم المتحدة وبرامجها، خصوصا في مجالات الحوكمة الرشيدة، مكافحة الفقر، ودعم مشاريع البنية التحتية.

هذا التوجه يعكس حرص الحكومة الموريتانية على تعزيز موقعها كشريك موثوق للمجتمع الدولي، واستثمار المناخ الدبلوماسي الإيجابي الذي يحظى به الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

لا يمكن فصل الاجتماع عن التدهور المستمر للوضع الأمني في منطقة الساحل، حيث تتفاقم التهديدات الإرهابية وتتصاعد النزاعات المسلحة، خصوصا بعد انسحاب بعض القوات الدولية وتراجع المبادرات الإقليمية مثل قوة “برخان” الفرنسية أو مجموعة دول الساحل الخمس.

وقد مثلت موريتانيا خلال السنوات الماضية نقطة توازن مهمة، إذ نجحت في تحييد خطر الجماعات المتطرفة على أراضيها عبر مقاربة أمنية وتنموية متكاملة.

ويُرجح أن الوزير ولد مرزوك ناقش مع غوتيريش سبل دعم الأمم المتحدة لهذه المقاربة، سواء عبر تعزيز برامج التنمية في المناطق الهشة أو عبر دعم قدرات قوات الأمن الموريتانية، في إطار استراتيجية أوسع تشمل دول الجوار.

وإلى جانب الشأن الأمني، يكتسب اللقاء أهمية في ضوء القضايا الدولية التي تهم موريتانيا، زمن أبرزها الأزمة في النيجر ومالي، حيث يتقاطع الدور الأممي مع مساعي نواكشوط لإبقاء قنوات الحوار مفتوحة بين الأنظمة العسكرية والمجتمع الدولي، وكذلك أزمة الهجرة غير النظامية التي تشهد تصاعدا عبر السواحل الموريتانية باتجاه أوروبا، ما يتطلب تعاونا أمميا لدعم خطط التنمية وخلق فرص عمل للشباب.

ومن أبرز الأزمات التي تشغل بال النظام الموريتاني والمجتمع الدولي أزمة التغير المناخي، وهو تحدٍ وجودي لدول الساحل، إذ تواجه موريتانيا مخاطر التصحر وشح الموارد المائية، مما يجعلها بحاجة إلى دعم أممي لبرامج التكيف البيئي.

وبالنسبة للداخل الموريتاني، يشكل اللقاء إشارة إلى استمرار السياسة الخارجية المتوازنة التي تنتهجها الحكومة، والقائمة على مبدأ “الحياد الإيجابي” والانفتاح على مختلف الشركاء.

أما خارجيا، فاللقاء يبعث برسالة ثقة إلى المجتمع الدولي بأن موريتانيا ما تزال طرفا فاعلا يسعى إلى الحلول السلمية في محيط إقليمي غير مستقر.

ويؤكد اجتماع وزير الخارجية الموريتاني مع الأمين العام للأمم المتحدة أن العلاقات بين نواكشوط والمنظمة الأممية تتجه نحو مزيد من التنسيق والتعاون، في وقت تتصاعد فيه التحديات الأمنية والاقتصادية في منطقة الساحل.

ومن شأن هذا التقارب أن يعزز مكانة موريتانيا كحليف موثوق، ويمنحها زخما دبلوماسيا إضافيا لمواجهة قضاياها التنموية والأمنية، مستفيدة من سمعتها كدولة مستقرة في محيط مضطرب.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

أحد, 28/09/2025 - 19:52