فيديو: مداخلة النائب الداه صهيب

السيد الرئيس،

معالي الوزير

السيدات والسادة النواب المحترمون،

 

في بحر السياسة، حيث تتلاطم أمواج المصالح وتتقاطع التيارات الدولية، لا يُبحر إلا من امتلك بوصلة الرؤية وحكمة التوازن. وموريتانيا اليوم — بحمد الله — تمخر عباب هذا البحر بثقةٍ وهدوءٍ، تمسك بدفّة قيادتها الرشيدة يدُ فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وتترجم تلك الرؤية إلى فعلٍ دبلوماسيٍّ راشدٍ قيادةُ معالي الوزير محمد سالم ولد مرزوك.

 

السيد الرئيس،

 

اسمحوا لي في مستهل هذه المداخلة أن أعبّر عن تقديري الكبير لما تبذله دبلوماسيتُنا الوطنية من جهود مخلصة وجادة، بإشراف حكيم من فخامة الرئيس، وبقيادة ميدانية ناجحة من معالي الوزير.

 

كما أتوجه بجزيل الشكر والتقدير للنائب الموقر الشيخ الخليل النحوي، صاحب السؤال الذي أتاح لنا هذا النقاش المهم، والذي يأتي في توقيته المناسب لتثمين المنجز الدبلوماسي الوطني، وإبراز التحول الإيجابي الذي تشهده سياستنا الخارجية في هذا العهد الميمون.

 

لقد لمسنا جميعاً في الفترة الأخيرة ديناميكيةً جديدة في العمل الدبلوماسي الموريتاني، قائمة على الهدوء في الخطاب، والفاعلية في الأداء، والحكمة في إدارة الملفات الحساسة؛ وهي سمةٌ تميز هذا العهد، وتعبّر عن رؤية واضحة لسياستنا الخارجية: رؤيةٍ تؤمن بأن قوة الموقف لا تكون في التصعيد، بل في الثبات والاتزان، وفي الدفاع الهادئ عن المصالح العليا للوطن.

 

السيدات والسادة النواب،

 

لقد تمكنت وزارة خارجيتنا من تحقيق نجاحات معتبرة في أكثر من ساحة:

من إعادة ترميم العلاقات الثنائية وتعزيز حضور موريتانيا في المحافل الإقليمية والدولية، وقيادة المنظمات الإقليمية، وتولي إدارات الصناديق الدولية؛ إلى حماية مواطنينا في الخارج وتفعيل الدبلوماسية القنصلية؛ مروراً بنجاح بلادنا في استعادة مكانتها الطبيعية كصوتٍ مسؤولٍ ووازنٍ في القارة الإفريقية.

 

وفي هذا الإطار،

أولاً: تعاملت موريتانيا مع تطورات الوضع في مالي بروح المسؤولية والاتزان، فدعمت الحوار بين الأطراف، وسعت إلى تجنيب المنطقة منزلقات التصعيد، مؤمنةً بأن أمن مالي واستقرارها جزء لا يتجزأ من أمننا القومي ومن استقرار الساحل بأسره.

ثانياً: كما أولت الحكومة الموريتانية اهتماماً خاصاً لقضية اللاجئين الماليبن، عبر مقاربة إنسانية تحفظ الكرامة وتوازن بين مقتضيات الأمن ومتطلبات الواجب الإنساني، فكانت بلادنا نموذجاً في حسن الضيافة واحترام المواثيق الدولية ذات الصلة.

أما فيما يتعلق بالمهاجرين فقد كان تعامل الدولة موازنا بين رفض استباحة المجال الموريتاني، عن طريق منع الهجرة غير الشرعية، والحفاظ على احترام كرامة المهاجرين الذين ينتمون في غالبيتهم إلى بلدان شقيقة يهمنا الحفاظ على علاقاتنا معها، وهو ما نجحت فيه الدولة رغم حملات مغرضة قام بها بعض المنتمين لهذا الوطن للأسف، وآتت أكلها تشويها البلد في الخارج، لكن السلطات والدبلوماسية الموريتانية كانت على مستوى التعامل، للحيلولة دون أي أزمة حادة.

 

وفي هذا السياق، ومن باب الإنصاف والشفافية، أودّ أن أشير إلى أن السؤال المتعلق باختفاء المواطن الموريتاني إسحاق المختار قد سبق وأن طرحته شخصياً على الرئيس السوري بشار الأسد أثناء زيارة رسمية، وقد توصلنا بجواب منه مفاده أن الأخ إسحاق فرج الله كربه لا يوجد في المناطق التابعة للحكومة، إذ كان يعمل حين اختفائه في موقعٍ تسيطر عليه فصائل المعارضة المسلحة، وهي الجهات التي تحكم الآن في سوريا.

وأتمنى أن توفق الجهات الرسمية في إعادة المواطنين إسحاق ورشيد إلى حضن الوطن.

 

السيد الرئيس،

 

إنّ ما نراه اليوم من تقدير واحترام متزايد لموريتانيا على المستويين العربي والإفريقي جاء ثمرةً لرؤيةٍ متبصّرة انتهجها فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي جعل من الحوار والتعاون والتوازن دعائمَ أساسية لسياستنا الخارجية، وسلاحاً فعالاً في تعزيز مكانة الدولة وهيبتها.

 

كما لا يفوتني أن أثمّن الكفاءة الرفيعة لمعالي الوزير الدكتور محمد سالم ولد مرزوك، الذي أثبت في هذه الفترة قدرةً استثنائية على إدارة الملفات الإقليمية والدولية المعقدة، فكان صوته رصيناً، وحضوره فاعلاً، ومقاربته واقعية تخدم مصلحة الوطن قبل كل اعتبار.

 

لقد أعادت الدبلوماسية الموريتانية، في عهد فخامة الرئيس، تعريف نفسها من جديد:

فهي دبلوماسية تحاور بثقة، وتفاوض باحترام، وتدافع عن الوطن بحكمة.

 

السيد الرئيس

معالي الوزير

زملائي النواب،

 

في ضوء هذه النجاحات، نعبّر في هذه القاعة عن تقديرنا واعتزازنا بالمسار المتوازن الذي تسلكه سياستنا الخارجية، وعن دعمنا الثابت لاستمرار هذه المقاربة الهادئة والبنّاءة، التي جعلت موريتانيا تحظى باحترام شركائها، وتفرض حضورها بصوت العقل والمسؤولية.

 

فشكراً لفخامة رئيس الجمهورية على رؤيته الحكيمة؛

وشكراً لمعالي الوزير على جهوده؛

وشكراً خاصاً للشيخ الخليل النحوي على مبادرته القيّمة التي فتحت هذا النقاش البنّاء.

 

وهنيئاً للدبلوماسية الموريتانية التي تُعيد لوطننا موقعه الرائد في محيطه العربي والإفريقي والدولي.

 

أشكركم.

جمعة, 31/10/2025 - 06:23