زيارة الحوض الشرقي.. حين كشف الرئيس عن منهجه الحقيقي في إدارة الدول/ إسماعيل ولد الرباني*

الوئام الوطني : مثّلت زيارة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، لولاية الحوض الشرقي لحظة سياسية فارقة، ليس فقط لأنها شملت الوقوف الميداني على أوضاع الولاية وقضاياها التنموية، بل لأنها أظهرت بوضوح للمواطنين جانبا أكثر اكتمالا من الرجل الذي يقود البلاد.

فقد كشفت الزيارة، عبر خطاباته وتوجيهاته ولقاءاته المباشرة، عن منهج متوازن يجمع بين الهدوء المسؤول والصرامة الضرورية، وبين الحلم مع الناس والحزم مع الأعطاب التي تعيق مسار الدولة.

فمنذ اليوم الأول لتوليه الحكم، عُرف الرئيس الغزواني بقدرته على إدارة الملفات بروح أخلاقية عالية (احترام للناس، عطف على الفئات الهشة، وتغاضٍ عن كثير من حملات التجريح التي طالت شخصه وأسرته)، وهذا الأسلوب جعل منه في أعين كثيرين “رجل التهدئة”، لكنه في الحوض الشرقي قدم صورة مكمّلة (رجل دولة لا يتردد في استخدام ما يلزم من قوة حين يكون الوطن على المحك، أو حين يكون ذلك ضرورة لا مناص منها).

ففي تصريحاته أمام السكان، بدا جليا أن مكافحة الفساد بالنسبة له ليست شعارا ولا مساومة. تحدث بصراحة غير معهودة عن عدم مراعاة أي اعتبارات شخصية أو جهوية أو اجتماعية في هذا الملف، فلا قرابة ولا صداقة ولا نفوذ يمكن أن تقف حاجزا أمام تفكيك منظومات الفساد التي أثقلت البلاد لعقود.

هذا الخطاب لم يُقرأ فقط كرسالة للولاية التي زارها، بل للطبقة السياسية والإدارية على امتداد التراب الوطني.

وعلى مستوى آخر، أكدت الزيارة أن الرئيس ماضٍ بجدية في تنفيذ تعهداته الانتخابية التي تضمنها برنامجه “طموحي للوطن”. فاللقاءات المباشرة مع المواطنين لم تكن مجرد مناسبة للاستماع، بل لتقييم ميداني لما تم إنجازه، والبحث عن نقاط ضعف تحتاج لتصحيح، وإعلان إجراءات إضافية يرى أنها تخدم الصالح العام وتسهم في تقليص الفوارق وتحسين الخدمات.

وقد لمس المواطنون خلال تلك الجولة أن وتيرة تنفيذ المشاريع تسير وفق تصور واضح وسقف زمني مدروس، وأن الرئيس يحرص على أن تتجاوز الدولة منطق الوعود إلى منطق النتائج. وربما لهذا السبب بدت الزيارة في نظر كثيرين بمثابة لحظة مكاشفة، اكتشفوا فيها أن رئيسهم الذي اعتادوا هدوءه واتساع صدره، هو ذاته رجل القرار الصارم حين يتعلق الأمر ببناء دولة القانون، ومحاربة الفساد، وضمان تكافؤ الفرص، والرفع من كفاءة أداء الإدارة.

إن زيارة الحوض الشرقي لم تكن مجرد نشاط رئاسي عابر، بل محطة أظهرت للناس ملامح قيادة تجمع بين الإنسانية والصرامة، وتؤسس لمرحلة سياسية جديدة يُقاس فيها الأداء بمعايير الإنجاز والانضباط، لا بالخطاب العاطفي ولا التوازنات التقليدية.

وفي هذا السياق، يتأكد أن ما بدأه الرئيس الغزواني في برنامجه “طموحي للوطن” لم يعد مجرد رؤية انتخابية، بل مشروع دولة يمضي بثبات نحو التحقق.

 

إسماعيل الرباني المدير الناشر لوكالة الوئام الوطني للأنباء

أحد, 16/11/2025 - 19:16