
الحمد لله منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، القائل في محكم الكتاب: { قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ } [التوبة:١٤]
والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وإمام المجاهدين، وقائد الغر المحجلين، القائل في بشاراته للمؤمنين: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود) رواه مسلم.
أما بعد ..
فقد تابعنا في هذا اليوم التاريخي الأغر الانتصارات العظمى، والفتوحات الكبرى، التي تحققت على أيدي إخواننا المجاهدين في غزة، وأكناف بيت المقدس، ومعاركَهم البطولية التي أذلت العدو، ومرغت أنفه في التراب، فشفوا بذلك صدور هذه الأمة المكلومة المظلومة {وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ (4) بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} [الروم ٤-٥].
وبهذه المناسبة فإننا في المنتدى الإسلامي الموريتاني:
أولا: نهنئ أنفسنا، وإخواننا المجاهدين في فلسطين، والأمة الإسلامية عامة بهذه الانتصارات الكبرى والفتوحات العظمى، التي أكدت حقيقة أن هذه الأمة أمة جهاد واستشهاد.. أمة لا تقبل الذل، ولا تنام على الضيم.
لقد سجلتم أيها الأخيار الأبرار هذا اليوم المبارك في سجل أيام الإسلام الخالدة، وانتصاراته الشاهدة:
فأيقظتم التاريخ بعد رقاده
فعاد إلى أمجاده يتذكر
فهذا صلاح الدين يحمل سيفه
تسيل دماء الكفر منه وتقطر
وعادت لنا حطين بعد غيابها وعادت إلى الأذهان بدر وخيبر.
ثانيا: نترحم على شهدائنا الأبرار، ونسأل الله تعالى أن يتقبلهم، وأن يعجل بشفاء الجرحى، و يربط على قلوب اسرهم، ويجعلهم من الصابرين الأخيار.
ثالثا: ندعو جميع الفصائل الفلسطينية المجاهدة إلى الوحدة والاجتماع، والبعد عن الفرقة والنزاع.
{وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ } [المائدة:١٠٣]
رابعا: نؤكد ما أكدته أحداث اليوم من أن الجهاد في سبيل الله هو الطريق الوحيد لاستعادة فلسطين، وتحرير المسجد الأقصى، وأن كل الحلول الاستسلامية الأخرى حلول عبثية أثبتت التجارب فشلها.
السيف أصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب.
خامسا: نذكر جميع المسلمين بأن مناصرة، ومؤازرة أهلنا وإخواننا في فلسطين، في مواجهة الاحتلال، وقتل النساء والأطفال، والشيوخ، وتدمير البيوت، والبنى التحتية، من آكد الفرائض، وأعظم الواجبات، وأفضل القربات، خاصة بعد استنفار، واستنصار أهلنا هناك للأمة، و دعوتهم لها للمشاركة الفاعلة.
إن الله عز وجل يقول: { وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ} [الأنفال:٧٢].
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخوالمسلم.. لا يظلمه ولا يسلمه، ولا يخذله) رواه مسلم.
والمناصرة المطلوبة وإن كانت واجبا عاما، بكل ما نستطيع، وجميع ما نطيق، إلا أنها تختلف باختلاف حال كل منا، وموقعه.
فواجب الحكام والسياسيين الأول هو المناصرة العسكرية والسياسية، والدبلوماسية، والدعم المادي والمعنوي.
وواجب العلماء، والدعاة، والأئمة الأول هو تحريض الأمة، واستنهاضها، وبيان ما فرض الله من جهاد العدو بالنفس، والمال، واللسان، من أجل تحرير فلسطين، وتطهير المسجد الأقصى من رجس الاحتلال، مع بيان تحريم التطبيع مع العدو، وموالاة اليهود { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ } [المائدة:٥١]
وواجب التجار، ورجال الأعمال الأول هو بذل المال، والإنفاق في سبيل الله.
وواجب أهل الإعلام، وأصحاب المنابر والأقلام الأول هو توعية الأمة، والتفاعل الإيجابي مع الأحداث، وتقديم الصورة الحقيقية للصراع بين الأمة وأعدائها.
ولكل من فئات ومكونات الأمة، و قواها الحية، من شباب، ونساء، وأحزاب سياسية، ونقابات مهنية، وجمعيات خيرية، وغيرها واجاباتها العامة والخاصة.
ونحن نستنهض في الجميع روح الحمية الدينية، والغيرة الشرعية، والنخوة الأخلاقية، والكرامة الإنسانية، وندعوهم إلى القيام بواجبهم الديني، والأخلاقي، والإنساني في مناصرة، ومؤازرة إخوانهم في فلسطين.
{ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ } [المنافقون:٨]
رئيس المنتدى الإسلامي الموريتاني
الشيخ محفوظ بن الوالد (أبو حفص الموريتاني)
بتاريخ 22 ربيع الأول 1445
الموافق 7 / أكتوبر / 2023