موريتانيا ترسم ملامح السباق لرئاسة البنك الإفريقي للتنمية: رهان الكفاءة والدبلوماسية

رغم شبه الإجماع داخل أروقة وكواليس الاجتماعات السنوية للبنك الإفريقي للتنمية، المنعقدة بأبيدجان في كوت ديفوار ما بين 26 - 30 مايو 2025، والتي يشكل انتخاب رئيس جديد للمجموعة أحد أبرز نقاط جدول أعمالها لهذه السنة، يؤكد أن معركة كسر العظم بين فرسان السباق الخمسة لرئاسة مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، هي معركة دبلوماسية بالدرجة الأولى، فهل تخرق موريتانيا هذا العرف بعد أكثر من 60 سنة على ترسخه؟

 

لقد دخلت موريتانيا هذا الرهان بسلاح مزدوج، الأول دبلوماسية فعالة قادها فخامة رئيس الجمهورية السيد / محمد ولد الشيخ الغزواني خلال مختلف مشاركاته في القمم واللقاءات الدولية على مدى الاثني عشر شهراً الماضية، تدعمها في ذلك منسقية حملة جابت مختلف أصقاع البلدان المعنية بالتصويت، بقيادة معالي وزير الاقتصاد والمالية منسق الحملة السيد / سيد أحمد ولد أبُوه، تؤازرها في هذه الأنشطة منسقية ضمت كفاءات وخبرات وطنية عالية المستوى.

 

أما السلاح الثاني فهو كفاءة مرشح بلادنا، معالي وزير الاقتصاد الأسبق الدكتور سيد ولد التاه، رئيس المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا (BADEA) لولايتين متتاليتين، والذي يتمتع بخبرة واسعة اكتسبها خلال مساره المهني المتميز وعززتها رئاسته لهذه المؤسسة المالية العربية الموجهة لتنمية بلدان القارة الإفريقية في إطار تعاون جنوب / جنوب، حيث أثبت معالي الوزير الأسبق قدرة قيادية مكنته من إحداث تحول ملموس خلال هذه الفترة، من خلال ابتداع مقاربة لتدخُّل المصرف في البلدان المستهدفة تراعي الأولويات التنموية لبلدان القارة الإفريقية واحتياجاتها الإنمائية الملحة.

 

فكان حصاد هذه المقاربة نقلة نوعية للمصرف، فتضاعف حجم التمويلات الممنوحة للدول المستهدفة خمس مرات، وُجِّهت لتمويل مشاريع هيكلية هامة، مثل إعادة بناء وتأهيل الطرق في كينشاسا، وتثمين سلاسل قيمة الأرز في سيراليون، وتأهيل المدن في السنغال، وإنشاء مركز القلب في أوغندا.

 

كما كان من أبرز الإنجازات التي شكلت طفرة في الإمكانيات الاستراتيجية للمصرف، زيادة رأس المال المصرح به بنسبة 376%، مما عزز قدرته التمويلية بشكل كبير لدعم التنمية المستدامة.

 

ولأول مرة في تاريخه، حصل المصرف على تصنيف ائتماني ممتاز AAA، مما يعكس صلابته المالية، كما تم كسب دعم قوي من الدول الأعضاء بفعل الدبلوماسية والمرونة التي تتحلى بها قيادة المصرف، مما مكّن من فتح آفاق واسعة لتعبئة الموارد من الأسواق العالمية، حيث تجاوزت التمويلات السنوية أرقاماً قياسية لتمثل التمويلات الممنوحة في هذه الفترة 75% من إجمالي التمويلات خلال كل تاريخ المؤسسة، وُجِّهت للاستثمارات التي تركزت في قطاعات حيوية كالبنية التحتية، الزراعة والأمن الغذائي، الصحة، التعليم، ودعم القطاع الخاص وتمويل التجارة، وتعزيز ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى مبادرات تنمية القدرات ومواجهة التغير المناخي.

 

إن هذه الإنجازات تحمل في طياتها قدرة كبيرة على تحقيق نقلة نوعية للبنك الإفريقي للتنمية الذي رشحت بلادنا لرئاسته معالي وزير الاقتصاد الأسبق، وذلك ما تجسده الرؤية المتبصرة للمرشح والتي تتمحور حول أربعة روافع رئيسية، تشمل تعبئة موارد مالية ضخمة، وتنمية رأس المال البشري، إدراكاً لأهميتهما القصوى في تحقيق نهضة القارة.

 

وانطلاقاً من هذه الرؤية، التي تأخذ في الاعتبار الاحتياجات التنموية الكبيرة لإفريقيا، تطمح رؤية المرشح إلى مضاعفة حجم التمويلات بعشرة أضعاف، لتوفير التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية الطموحة لإفريقيا.

 

فزيادة المصادر المعبأة من أجل تمويل التنمية في إفريقيا، وإصلاح الهيكل المالي لإفريقيا، واستخدام العائد الديمغرافي الإفريقي كلها أدوات قادرة على خلق نمو مطرد للقارة، وتحسين تنويع الموارد الطبيعية للقارة.

 

إن هذه الكفاءة المشهودة والدبلوماسية النشطة لا شك سترفعان من سقف معايير اختيار الرئيس الجديد للبنك الإفريقي للتنمية. كما يشكل نشاط منسقية حملة المرشح وحضورها القوي دافعاً كبيرا للتفاؤل بفوز موريتانيا بهذا الرهان القاري الهام.

أحمد ولد محمدو - كاتب وإعلامي موريتاني

أربعاء, 28/05/2025 - 20:40