"منتدى سان بطرسبرغ.. الاقتصاد بلغة السيادة "

 

في قلب مدينة سانت بطرسبرغ العريقة ،وعلى ضفاف التاريخ والسياسة، انطلقت فعاليات المنتدى الاقتصادي الدولي لعام 2025 بحضور لافت لرئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين، حيث تحوّل المنتدى إلى منصة استراتيجية تعكس عمق التحولات الجيوسياسية، وتعيد رسم ملامح النظام الاقتصادي العالمي.

لم يعد المنتدى مجرد تظاهرة اقتصادية، بل أصبح فضاءً لصياغة رؤى جديدة لعالم متعدد الأقطاب، تُسمع فيه أصوات الجنوب العالمي، وتُطرح فيه مقاربات جديدة للسيادة الاقتصادية والشراكات البديلة، بعيدًا عن منطق الهيمنة التقليدية.

أكد الرئيس بوتين خلال كلمته أن روسيا تمضي بثقة في تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع دول الجنوب والعالم العربي ،وتثبت أن اقتصادها قادر على التقدم بثبات رغم الضغوط والعقوبات في إشارة إلى صمود الاقتصاد الروسي أمام التحديات العالمية، ومواصلة تحقيق مؤشرات نمو إيجابية

المنتدى، الذي بات يُعرف بـ"دافوس الروسي"، لم يكن مجرد ملتقى اقتصادي ،بل محطة لإعادة ترتيب معادلات النفوذ والتعاون، في مرحلة تتسم بالتصدع في النظام الدولي. وقد بعث بوتين برسالة واضحة مفادها أن بلاده تسعى لبناء نموذج اقتصادي مستقل، قائم على الإنتاج والسيادة والشراكات المتوازنة، بعيدًا عن التبعية للأسواق الغربية.

كما خصص المنتدى حيزًا مهمًا لموضوع «الإنسان في عالم جديد»، حيث نوقشت قضايا المواطنة، والتعليم، والرعاية الاجتماعية، والمشاريع الحضرية، باعتبارها عناصر محورية في التنمية المستدامة.

وكان من أبرز ما أعلنه بوتين هو تحقيق نمو بنسبة 1.5٪ خلال الربع الأول من عام 2025، مع انخفاض معدل التضخم إلى نحو 9.6٪، رغم التحديات المتوقعة ،ما يعكس تبني الحكومة الروسية لخطط اقتصادية حازمة واستباقية.

وهكذا، يثبت منتدى بطرسبرغ الاقتصادي من جديد أنه ليس مجرد منصة للنقاشات الاقتصادية، بل مختبرًا لرسم استراتيجيات المستقبل، ومؤشرًا على تحولات عميقة في موازين القوى العالمية. فبين طموحات روسيا لتعزيز استقلالها الاقتصادي، وفتح آفاق شراكة أوسع مع دول الجنوب، تتجلى ملامح نظام عالمي جديد، يكون فيه الاقتصاد أداة سيادة لا تبعية، وتكون الشراكة فيه خيارًا استراتيجيًا لا مجاملة ظرفية. إنها لحظة تعيد فيها روسيا  كتابة موقعها في خرائط السياسة والاقتصاد، بلغة براغماتية، ولكن على إيقاع السيادة و المجد .

بقلم : حنان محمد سيدي

جمعة, 20/06/2025 - 20:41