حدث وتعليق/ التنمية الحيوانية في آوكار.. مجال غني وجهد حكومي متواصل لرفع التحديات

أشرف وزير التنمية الحيوانية السيد المختار گاگيه، صباح اليوم الثلاثاء 08 يوليو 2025 رفقة وزيرة المياه والصرف الصحي السيدة آمال بنت مولود، ومدير الزراعة والصناعات الغذائية في البنك الأفريقي للتنمية، السيد مارتن فرجن، ورئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين السيد محمد زين العابدين الشيخ أحمد، على حفل اطلاق برنامج التنمية الشاملة لشعب التنمية الحيوانية في منطقة آوكار (آوكار - المرحلة الأولى).

وتقع منطقة آوكار في عمق البوادي الشاسعة الممتدة بين ولايات تگانت والحوضين، أحد أبرز المجالات الرعوية التقليدية في موريتانيا، والتي لطالما شكّلت مخزونا استراتيجيا للثروة الحيوانية، ومصدر عيش رئيسي للآلاف من الأسر البدوية.

ورغم ما تزخر به المنطقة من إمكانيات طبيعية وتقاليد عريقة في تربية الماشية، إلا أن واقع التنمية الحيوانية فيها لا يزال يواجه تحديات بنيوية ومناخية وتقنية، تفرض ضرورة مراجعة شاملة لسياسات التدخل في هذا القطاع الحيوي.

وتمتاز منطقة آوكار بمراعيها الموسمية التي تستقطب الرعاة من مختلف أنحاء البلاد خلال فترات الخريف، حيث تشكل المسارات الرعوية شبكة طبيعية للتنقل بين منابع المياه ومواطن الكلأ.

وتحتضن المنطقة أعدادًا كبيرة من الإبل، والأبقار، والضأن، والماعز، وتساهم بشكل أساسي في الناتج الحيواني الوطني. كما تعتمد آلاف الأسر على تربية المواشي كمصدر رزق رئيسي، سواء من خلال بيع اللحوم والألبان أو من خلال التجارة التقليدية المرتبطة بالمواسم والأسواق المحلية.

غير أن هذا الرصيد الطبيعي والاقتصادي يواجه العديد من التحديات، من أبرزها:

 • تكرار موجات الجفاف التي تؤثر سلبًا على الغطاء النباتي وتجبر الرعاة على التنقل لمسافات طويلة بحثًا عن المراعي والماء.

 • ضعف التغطية البيطرية، حيث تفتقر المنطقة لمراكز علاج وتلقيح مجهزة، مما يجعل الحيوان عرضة للأمراض.

 • غياب أنظمة حديثة للتربية والتسويق، إذ لا تزال الأساليب المتبعة بدائية وتعتمد على التجربة الموروثة، دون تطوير للسلالات أو تنظيم لسوق المنتجات الحيوانية.

ويرى خبراء التنمية أن مستقبل القطاع الحيواني في آوكار يتطلب تدخلًا متعدد الأبعاد يشمل:

 • إنشاء محميات رعوية مغلقة وغرس النباتات العلفية لتعزيز الأمن الغذائي للماشية.

 • تحسين خدمات البيطرة المتنقلة لمواكبة نمط حياة الرعاة.

 • تشجيع التعاونيات النسوية لإنتاج وتثمين مشتقات الألبان والجلود.

 • بناء جسور بين المنتج والأسواق الوطنية من خلال طرق النقل والتخزين والتنظيم المهني.

 • دمج الرعاة في برامج تنموية تشاركية تعترف بخبراتهم وتراعي أنماطهم الثقافية.

وتمثل منطقة آوكار مجالا رعويا خصبا لا غنى عنه في معادلة الأمن الغذائي والاقتصاد الحيوي في موريتانيا، غير أن واقعها يتطلب مقاربة تنموية جديدة وشاملة، تدمج الرعاة وتعيد تنظيم العلاقة بين الإنسان والماشية والموارد الطبيعية، بما يضمن استدامة هذا المورد الحيوي في وجه التغيرات المناخية والاجتماعية المتسارعة.

ورغم التحديات الكثيرة والمتنوعة، تبذل الحكومة الموريتانية جهودا متواصلة لتنمية منطقة آوكار باعتبارها مجالا رعويا واقتصاديا استراتيجيا، حيث تقوم بدعم الثروة الحيوانية من خلال حملات التلقيح المجاني، وتوفير الأعلاف المدعومة في مواسم الجفاف، إلى جانب إنشاء وحدات بيطرية متنقلة لتعزيز الرعاية الصحية للماشية.

وتنفذ الحكومة مشاريع تهدف إلى تثبيت السكان الرحل وتحسين المراعي، من خلال بناء سدود صغيرة وحواجز مائية، وحفر آبار رعوية لتأمين المياه خلال المواسم الحرجة، فضلا عن تعزيز البنية التحتية عبر فتح الطرق الريفية وتحسين الوصول إلى التجمعات السكانية في عمق البوادي، ما يسهل تسويق المنتجات الحيوانية وربط الرعاة بالخدمات الأساسية.

 كما أن الحكومة تقوم بتنظيم دورات تكوينية لفائدة المنمين حول تقنيات التربية الحديثة، والتغذية السليمة للماشية، والاستفادة من الخدمات البيطرية، كما تعمل مع شركاء دوليين لتمويل برامج خاصة بالتنمية الحيوانية المستدامة، ضمن خطط وطنية لمكافحة التصحر والفقر في المناطق الرعوية.

وتُعد هذه الجهود جزءا من رؤية أوسع لتثمين المقدرات الطبيعية والبشرية في منطقة آوكار، ودمجها في مسار التنمية الوطنية الشاملة.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

ثلاثاء, 08/07/2025 - 19:44