
ظل برنامج فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، “تعهداتي”، بمثابة الرؤية الشمولية التي وجّهت سياسات الدولة خلال الفترة 2019 – 2024.
وقد انبثقت عنه برامج فرعية نوعية مثل “أولوياتي” و”أولوياتي الموسع”، اللذان جسّدا سريعًا مضامين تلك التعهدات، رغم تعقيدات المرحلة التي تميزت بتداعيات الجائحة الصحية العالمية، وتوترات جيوسياسية واقتصادية غير مسبوقة.
ورغم هذه الظرفية الضاغطة، شكّل هذا المسار انطلاقة لتحوّل اجتماعي عميق، وتغيير جذري في فلسفة الحكم، من منطق الإدارة التقليدية إلى منطق العدالة والنجاعة والمسؤولية، حيث أصبح المواطن محور السياسات العمومية، وقلب التنمية في بلادنا.
ولأن الإنسان والدولة مشروعان لا يكتملان، جدد الشعب الموريتاني ثقته في فخامة رئيس الجمهورية، ليبدأ مسار المأمورية الثانية تحت شعار “طموحي للوطن”، الذي يمثل قفزة نوعية من الالتزامات إلى الرؤية، ومن الوعود إلى التخطيط لمستقبل مستديم.
“تآزر” أداة مركزية في تنفيذ التزامات فخامة رئيس الجمهورية
وفي هذا المسار الوطني الجديد، برزت المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء “تآزر” كأحد أبرز تجليات التحول في تلك الفلسفة، باعتبارها أداة مركزية في تنفيذ التزامات فخامة رئيس الجمهورية على صعيد إرساء العدالة الاجتماعية ومكافحة التفاوت والهشاشة.
فمنذ الإعلان عن إنشائها، بمرسوم رئاسي صادر يوم 29 نوفمبر 2019، حملت “تآزر” مشروعًا نوعيًا غير مسبوق، يجمع بين البعد الاجتماعي والتمكين الاقتصادي، ويعتمد مقاربة تقوم على الاستهداف الدقيق، والتدخل المتكامل، والاستدامة بدل المعالجات الظرفية.
وقد جسدت المندوبية، من خلال برامجها المختلفة، روح “تعهداتي” في أبهى صورها: تحويلات نقدية مباشرة للمحتاجين، والتكفل بالمرضى، وتمويل مشاريع مدرة للدخل، وبناء مساكن لائقة، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل الفئات الأكثر هشاشة في جميع أنحاء الوطن.
ومنذ انطلاق رؤية “طموحي للوطن”، تجد “تآزر” نفسها في قلب المعادلة الجديدة، فلم تعد مجرد منفذة لبرامج اجتماعية، بل أصبحت فاعلًا تنمويًا محوريًا في بناء دولة الإنصاف والتوازن والتماسك الوطني.
ولتسليط الضوء على هذا المحور الأساسي في تنفيذ خطط ومشاريع الدولة، أجرت الوكالة الموريتانية للأنباء، مقابلة مع مدير التخطيط ومتابعة التعهدات بالمندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء “التآزر”، السيد يعقوب ولد القاسم، الذي أكد أن المندوبية فرضت نفسها منذ تأسيسها كفاعل مركزي في الاقتصاد الاجتماعي ومكافحة الفقر، من خلال مقاربة متعددة القطاعات تأخذ في الحسبان خصوصية كل منطقة، مشيرًا إلى أن تدخلات المندوبية تتقاطع مع تدخلات عشر قطاعات حكومية أخرى، ويتم ذلك ضمن تنسيق دائم بينهم.
برامج طموحة تلبي احتياجات الفئات الهشة
وأضاف أن هذا التنسيق مكن المندوبية من تنفيذ برامج طموحة تلبي احتياجات الفئات الهشة في مختلف مناطق البلاد، بطريقة شاملة ومتجانسة مع الخصوصيات الجهوية لكل منطقة.
وأوضح أن هذه البرامج لا تهدف فقط إلى تحسين مستوى معيشة المواطن، بل تسعى أيضًا إلى تعزيز قدرة السكان على الصمود اقتصاديًا واجتماعيًا على المدى الطويل.
وأشار السيد يعقوب ولد القاسم إلى أن “تآزر” اعتمدت في تدخلاتها منهجية قائمة على أربع ركائز أساسية، أولها: الاستماع لاحتياجات المواطنين عبر التشخيص والإحصاء الدقيق الذي مكن المندوبية من تحديد الأولويات، والركيزة الثانية: التعامل السريع مع الطوارئ من خلال تحويلات مالية عاجلة موجهة للسكان الأكثر تضررًا وعرضة للصدمات الاقتصادية والمناخية.
وأضاف أن الركيزة الثالثة هي تنفيذ تدخلات مستديمة تستثمر في البنى التحتية الأساسية، كالسدود والمساكن والحوانيت الاجتماعية، لخلق بيئة ملائمة للفئات الهشة، فيما تتمثل الركيزة الرابعة في بناء تدخلات موجهة وفق خصوصية كل منطقة.
إنفاق أكثر من 6,4 مليار أوقية جديدة خلال ست سنوات
وأوضح أن برنامج شبكات الأمان الاجتماعي، خلال السنوات الست الماضية، بما في ذلك السنة الأولى من المأمورية الثانية، أنفق أكثر من 6 مليارات و404 ملايين أوقية جديدة، من خلال تحويلات نقدية منتظمة وأحيانًا عاجلة، ضمن مكونات البرامج الثلاثة: “التكافل”، و”التكافل المستجيب للصدمات”، و”المعونة”.
وبين أن هذه التدخلات لم تكن عشوائية، بل استندت إلى برنامج السجل الاجتماعي للمندوبية، الذي يمثل أداة استراتيجية دقيقة لها، لإحصاء السكان والمقيمين، وتوفير بيانات اقتصادية واجتماعية تفصيلية تُستخدم من طرف المندوبية والقطاعات الأخرى، وحتى شركاء التنمية.
وأوضح أن برنامج “التموين” يهدف إلى الحفاظ على الأمن الغذائي في البلاد، ودعم القدرة الشرائية للأسر الأكثر هشاشة، من خلال تموين 1804 حوانيت بالمواد الغذائية الأساسية، موزعة على عموم التراب الوطني وبأسعار مدعومة.
وأضاف أنه من أجل تحقيق أهداف هذا البرنامج يتم إنفاق مليار و 600 مليون أوقية جديدة سنويا، تُضاف إليها 27 مليون أوقية جديدة مخصصة لعملية رمضان، مشيرا إلى أن البرنامج يخضع حاليًا لإعادة هيكلة بهدف توسيع قاعدة المستفيدين وتحسين أساليب تقديم الدعم بما يحفظ كرامة المواطنين.
أما برنامج “داري” للسكن الاجتماعي، فقد أنفق أكثر من 4 مليارات أوقية جديدة خلال السنوات الماضية لإنجاز 2508 وحدات سكنية، اكتمل أغلبها في عواصم الولايات، مبينا أن هذا البرنامج يشهد حاليًا نقلة نوعية عبر إطلاق برنامج “التعمير”، الذي يهدف إلى إقامة منشآت قاعدية واقتصادية وتعليمية وصحية وزراعية في مدن “التآزر”، إضافة إلى بناء مساكن اجتماعية فيها، وتنفيذ برامج توعوية لتعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ المواطنة، مضيفا أن هذا البرنامج انطلق في نواكشوط وسيتوسع إلى الداخل قريبًا.
برامج متعددة ومتنوعة
وقال إن برنامج “بركة”، المرافق لـ”التعمير”، أنفق 710 ملايين و492 ألف أوقية جديدة على بناء 29 سدًا، إلى جانب مئات السدود الرملية لدعم الزراعة الموسمية، مما ساعد في تعزيز الأمن الغذائي في المناطق الزراعية.
وأضاف أن البرنامج أنفق 246 مليون و605 آلاف أوقية على الأنشطة المدرة للدخل، وموّل 1190 تعاونية بمبلغ تجاوز 103 ملايين و970 ألف أوقية، و750 مشروعا جمعويا بغلاف مالي بلغ 129 مليونًا و200 ألف أوقية.كما أنشأ مصنعًا لتحلية المياه لصالح التعاونيات الزراعية في مدينة نواذيبو.
وأوضح أن برنامج “الشيلة”، يتضمن أربع مكونات هي: التعليم، الصحة، المياه، والطاقة، مبينا أنه في مجال التعليم، أنفق البرنامج مليارًا و423 مليون أوقية لبناء 108 منشآت دراسية، تشمل مدارس ابتدائية، وإعداديات، وثانويات، إضافة إلى بناء 54 حضانة داخل المدارس. كما أنفق 427 مليون أوقية لتغذية 400 ألف تلميذ، وجهز 759 حجرة دراسية بـ15939 طاولة، إضافة إلى تخصيص 9 ملايين و456 ألف أوقية للنقل المدرسي، و11 مليون أوقية للحقائب واللوازم المدرسية، و465 ألف أوقية لدروس التقوية للتلاميذ في المناطق الهشة.
وفي قطاع الصحة، أوضح أنه تم إنشاء 32 نقطة صحية ومركز طبي في مقاطعة الميناء، وتجهيز مركز طبي في الداخل، ووفر البرنامج خلال السنوات الأخيرة 100 ألف تأمين صحي للمواطنين، مع توقعات بإضافة عشرات الآلاف خلال السنتين الحالية والمقبلة.
وفي مجال الطاقة، بين أن البرنامج أنجز 12 محطة هجينة لإنتاج الكهرباء، و10 توصيلات بشبكة “صوملك”، ما وفر طاقة نظيفة وبأسعار منخفضة في مناطق مشمسة على مدار السنة.
ولفت مدير التخطيط ومتابعة التعهدات إلى أنه تم في مجال المياه حفر 276 بئرًا في مختلف أنحاء البلاد، وإنشاء 91 شبكة مياه صالحة للشرب، في أكبر تدخل من نوعه في تاريخ البلاد، شمل مناطق تمتد من اظهر – انبيكت لحواش، إلى أقاصي ولاية تكانت، وشمال ازويرات، وكيديماغه وسيلبابي، بغلاف مالي بلغ 6 مليارات أوقية.
وقال إن الأثر الملموس لهذه البرامج جعل من المندوبية فاعلًا وطنيًا رائدًا في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة من خلال محو الفوارق بين الطبقات، وتمكين المجتمعات الريفية، والمساهمة في تقليص التفاوتات وتعزيز الأمن الغذائي.
وأبرز مدير التخطيط ومتابعة التعهدات بالمندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء أن السنة الأولى من المأمورية الثانية لفخامة رئيس الجمهورية عرفت ارتفاعًا في وتيرة التدخلات مقارنة بالسنوات السابقة، مؤكدا تصميم مندوبية “التآزر” على التواجد حيث توجد الهشاشة، والمواطن المحتاج، وذلك من أجل تحقيق حياة كريمة للجميع.
تقرير: الوكالة الموريتانية للأنباء


.jpg)
.gif)
.png)
.jpg)
.gif)


.jpg)

.jpg)