
قد يهون العمر الا ساعة، وتهون الأرض الا موضعا، لكن الذكرى لا تهون، لأنها تقيم في وجدانٍ لا يعرف النسيان. أنواكشوط… مدينةٌ وُلدت من رمل البحر وصفاء الأمل، وعاشت على وقع النبض الأول، حيث البدايات البسيطة كانت تكفي لتكتب للمكان معناه.
أتجول اليوم في أنواكشوط، لا كما كنت أفعل زمن الصبا، بل كمن يعود لمدينة يعرفها ولا يعرفها. وجهها تغير…كثيرا ارتفعت الجسور: *جسر باماكو، جسر الحي الساكن، جسر الصداقة*، تشابكت الطرق السريعة، من *طريق نواذيبو السريع* إلى *شارع جمال عبد الناصر* إلى المطار الجديد حيث يمتد الأفق بلا نهاية، وإلى الميناء الذي صار معبرًا للمدى.
البنايات شاهقة، وأضواء المدينة تخترق ظلام الليل. تغيرت أنواكشوط كثيرًا، لكنها لم تغادر القلب، بل ازدادت قربًا؛ لأنني *أحبها الآن، لا فقط لما كانت عليه، بل لما صارت إليه*… مدينة تحتفظ لي بذكرياتي، لكنها تمنحني حاضرًا يليق بي.
صحيح أنني أبكي على الإطلال أحيانًا، بروح جاهلية تتعلق بما مضى، لكنني *أستمتع بالحاضر، لأنني أدرك أن المدينة تنمو وأنا أتقدم فى العمر معها*، وأن الجمال لا يسكن في الأطلال، بل في قدرتنا على الحب رغم التبدل.
فأنواكشوط ليست مجرد مدينة، بل *حضور مكاني في وجدان موريتاني لا يشيخ*.
ذ. السالك ولد اباه

.jpg)
.gif)
.png)
.jpg)
.gif)


.jpg)

.jpg)