حدث وتعليق/ "سنيم" على أعتاب تحول استراتيجي.. من شركة وطنية إلى قطب منجمي إقليمي

في كلمته خلال مؤتمر "موريتانيد 2025" المنعقد في العاصمة نواكشوط، كشف المدير العام للشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم"، السيد محمد فال ولد اتليميدي، عن رؤى طموحة واستراتيجية تحول شاملة تهدف إلى جعل الشركة في طليعة الفاعلين المنجميين على مستوى القارة.

وقد أظهرت الدراسات، بحسب المدير العام، أن إنتاج خام الحديد يمكن أن يصل إلى 45 مليون طن سنويا بحلول عام 2031، وهو رقم يفوق بأكثر من ثلاثة أضعاف الإنتاج الحالي.

ويبدو أن الطموح الذي تحمله هذه الأرقام لا يستند فقط إلى الأمنيات، بل إلى معطيات واقعية واستراتيجية عمل بدأت تؤتي أكلها. فـ"سنيم" نجحت خلال العامين الماضيين في رفع إنتاجها إلى أكثر من 14 مليون طن، ومن المتوقع أن يلامس الإنتاج هذا العام عتبة 15 مليون طن، وهو ما يعكس ديناميكية جديدة أطلقتها الشركة تحت إطار برنامجها الاستراتيجي.

ورغم أن 45 مليون طن تظل هدفا طموحا، إلا أن ما يقرب من 21 مليون طن منها سيأتي من مشاريع شراكة قيد التطوير، ما يسلط الضوء على سياسة "سنيم" الجديدة القائمة على الانفتاح على الاستثمار والشراكات الدولية – وهي خطوة قد تكون ضرورية في ظل المنافسة الإقليمية والدولية على أسواق المعادن. 

هذه الطموحات ليست محصورة في بعد اقتصادي داخلي، بل تعكس تحولا في دور الشركة داخل المنظومة الوطنية، إذ تُعد "سنيم" أحد أعمدة الاقتصاد الموريتاني، من حيث مساهمتها في الميزانية العامة، وكونها من أبرز المصدرين، بالإضافة إلى دورها في خلق أكثر من 11 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.

وفي ظل ما يعانيه الاقتصاد الوطني من تحديات متعددة، فإن استقرار وتوسّع "سنيم" يمثلان عامل توازن حيوي.

ومما يلفت الانتباه في تصريحات المدير العام أيضا، هو إعلان نية الشركة تنويع منتجاتها والتوسع نحو معادن استراتيجية جديدة كالنحاس والذهب، إضافة إلى المعادن المصاحبة.

ويمثل هذا التوجه خروجا عن الحصرية التقليدية لخام الحديد، ويدل على قراءة مرنة للتحولات التي يعرفها السوق العالمي للمعادن، خاصة في ظل ازدياد الطلب على المعادن المستخدمة في التحول الطاقوي والتكنولوجيا المتقدمة.

ويمثل مؤتمر "موريتانيد" منصة لترويج موريتانيا كوجهة واعدة للاستثمار في مجال التعدين، ومن خلال التصريحات الأخيرة، تسعى "سنيم" لتأكيد جاذبيتها كشريك موثوق يتمتع بالخبرة والتجربة والبنية التحتية.

ومع ذلك، فإن تحقيق أهداف 2031 يتطلب التغلب على عدة تحديات، من أبرزها: تحديث البنية التحتية، تحسين مناخ الاستثمار، وضمان استقرار السياسات الاقتصادية.

وتبشر الخطط الطموحة التي أعلنت عنها "سنيم" بتحول نوعي في قطاع التعدين الموريتاني، خاصة أنها ستكون مصحوبة بخطط تنفيذية تتكامل فيها الشراكات، التمويل، تطوير الموارد البشرية، والبنية التحتية، إذ أن الوصول إلى 45 مليون طن ليس مجرد رقم، بل معركة استراتيجية تتطلب إدارة دقيقة واستباقية للتحديات.

وفي حال نجحت الشركة في هذا المسار، وهو ما يتوقعه الخبراء والمراقبون، فإن موريتانيا قد لا تكون فقط بلدا منتجا للحديد، بل قطبا منجميا إقليميا قادرا على التأثير في أسواق المعادن العالمية.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

ثلاثاء, 09/09/2025 - 14:11