
مثلت مشاركة الإعلامي الشاب محمد فال الشيخ الرباني في قافلة الصمود لكسر الحصار عن غزة محطة جديدة في تجسيد الموقف الموريتاني الثابت من القضية الفلسطينية، حيث لم تكن مشاركته مجرد خطوة رمزية أو إعلامية، بل جسدت إرادة وطنية وشعبية متكاملة تقف إلى جانب المظلومين وتناصر العدالة في وجه الاحتلال.
انخراط الصحفي محمد فال الشيخ الرباني في أسطول كسر الحصار لم يأت من فراغ؛ فهو امتداد لتاريخ طويل من التضامن الشعبي الموريتاني مع فلسطين، ولتوجه رسمي يجعل من الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني جزءا من ثوابت السياسة الخارجية للبلاد.
وكونه الوحيد من بين سبعة عشر موريتانيا تمكن من ركوب البحر ضمن الأسطول، يضفي على مشاركته بعدا خاصا، إذ أصبح صوت موريتانيا في تلك الرحلة التي جمعت نشطاء من مختلف القارات على هدف واحد: كسر الحصار الظالم المفروض على غزة.
اعتقال الإعلامي الموريتاني من طرف بحرية الاحتلال الإسرائيلي في ميناء أسدود شكّل لحظة اختبار للوعي الوطني، حيث توحدت مختلف الأطياف السياسية والنقابية وهيئات المجتمع المدني خلف قضية واحدة: الدفاع عن ممثل موريتانيا في أسطول الصمود.
وقد عبّرت الأحزاب والمنظمات عن تقديرها لموقفه الشجاع، معتبرة أن مشاركته تمثل امتدادا طبيعيا للموقف الشعبي الداعم لفلسطين، فيما تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصات تعبئة تضامنية مطالبة بإطلاق سراحه.
من جانبها، تحركت وزارة الخارجية الموريتانية بسرعة وحزم، مدركة رمزية القضية وحساسيتها.
فقد أجرت اتصالات دبلوماسية عاجلة مع البعثة المغربية في تل أبيب، ونسقت مع الأردن وتركيا لمتابعة وضع الصحفي وتأمين إطلاق سراحه.
هذا التحرك يعكس فعالية الدبلوماسية الموريتانية في القضايا ذات البعد الإنساني والسياسي، ويؤكد أن نواكشوط لا تتخلى عن مواطنيها مهما كانت الظروف، خاصة حين يتعلق الأمر بموقف وطني مشرف يخدم قضية الأمة.
إطلاق سراح الإعلامي محمد فال الشيخ وترحيله برا نحو عمان ثم جوا إلى تركيا، لم يكن فقط نجاحا دبلوماسيا، بل انتصارا معنويا لموريتانيا، التي أثبتت أن دفاعها عن فلسطين ليس شعارا سياسيا بل موقفا متجذرا في وعي الدولة والمجتمع.
لقد حوّل هذا الحدث الإعلامي الشاب إلى رمز وطني وعربي للمقاومة المدنية، وقدم صورة ناصعة عن الجيل الجديد من الإعلاميين الموريتانيين الذين يوظفون صوتهم وعدساتهم دفاعا عن قضايا الحق والحرية.
الاستقبال الكبير الذي يُحضّر له الشعب الموريتاني بمختلف أطيافه لهذا البطل الكبير، يعكس فخرا وطنيا بهذا الإنجاز، ورسالة تقدير لكل من يرفع علم موريتانيا في المحافل الدولية دفاعا عن القيم الإنسانية.
وستشكل هذه العودة مناسبة لتجديد الالتزام الشعبي والرسمي بمساندة الشعب الفلسطيني، وتأكيد أن موريتانيا، رغم بعدها الجغرافي من أرض فلسطين المغتصبة، تظل في قلب المعركة الأخلاقية من أجل الحرية والكرامة.
لقد أظهرت قضية محمد فال الشيخ الرباني تلاحما نادرا بين الدولة والمجتمع والإعلام في موريتانيا، حيث التقت الدبلوماسية بالضمير الشعبي في موقف واحد.
وهكذا، تحولت تجربة “أسطول الصمود” إلى ملحمة وطنية مصغرة تؤكد أن موريتانيا، دولة وشعبا، لا تتأخر عن نصرة المظلومين، ولا تتردد في الدفاع عن قيمها ومبادئها مهما كان الثمن، ولا تسلم مواطنيها تحت أي ظرف.
وكالة الوئام الوطني للأنباء


.jpg)
.gif)
.png)
.jpg)
.gif)


.jpg)

.jpg)